جدليــة الحيــاة والموت"دراسة نقدية لمفهومي الموت الرحيم والانتحار"

المؤلف

قسم الفلسفة- کلية الآداب – جامعة الإسکندرية

المستخلص

لقد انشغل الإنسان بموضوع الموت منذ وجوده الأول، فأثر في آرائه ومواقفه تجاه مختلف القضايا الحياتية. إن رؤية الموت على أنه حل نهائي للتخلص من المعاناة، ما هو إلا استجابة انفعالية لمشاعر ذاتية ترجع لظروف نفسية عقلية، اجتماعية، واقتصادية تؤثر سلبًا على الفرد. فيقف عاجزًا أمام مواجهة مشاکله المختلفة. مقاومته تکون محدودة فيصاب بالقلق والإحباط. وقد يصبح عدوانيًا. وهذه العدوانية قد توجه نحو الذات، أي أن الشخص قد يؤذى ذاته بذاته. وقد يصل مستوى هذا الإيذاء إلى حد طلب الموت والانتحار.
          إن حالات الموت الرحيم والانتحار اليوم تشهد تفاقمًا وتزايدًا في کثير من دول العالم، وأصبحت ظاهرة لصيقة بالمجتمعات المعاصرة التي وضعت الإنسان المعاصر في إطار من التوجهات الاقتصادية والسوسيولوجية، والرؤى الأخلاقية والفلسفية، متماشية مع تنامي التحرّر الفردي، والتراخي الأخلاقي، الشيء الذي حفّز بروز ظاهرتي الموت الرحيم والانتحار وتکرارها. وبعيدًا عن التداخل والخلط بين الموت الرحيم والانتحار الذي هو في اعتقادي تناظرًا ضئيلاً لا يورده الباحثون أو المهتمون بالمسألة إلا من باب تعزيز مواقفهم وحججهم المناهضة للموت الرحيم.
          ولقد اتسعت في الفترة المعاصرة، وبالتحديد في منتصف القرن العشرين، سلطة العلم والتقنية، وازداد تأثيرهما على حياة الإنسان، ولاسيما العلوم البيولوجية والطبية، فغدت مشرفة على کل تفاصيل الحياة البشرية، من لحظة الولادة وقبلها، إلى الوفاة ونجد أنه من الصعوبة بمکان، سواء في القتل الرحيم أو الانتحار تصور إنهاء الحياة عملاً مشروعًا أو قانونيًا لأنه اعتداء على أهم وأقدس جزء في الإنسان، بل به تکون السعادة والحياة في الدنيا.

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية